الفنّ التكعيبي

single

 

التكعيبية حركة فنية نشأت في باريس استجابة للعالم الحديث المتغير بسرعة في أوائل القرن العشرين. وقد تطورت من خلال التقنيات الجديدة والاكتشافات العلمية ونظرية النسبية والتبادل الثقافي بين الشرق والغرب.

معرض الفن السعودي المعاصر للرسام فيصل عبد العزيز الخريجي

 

سعت الحركة إلى تمثيل الطبيعة المعقدة والغامضة للواقع الحديث الذي تميز بالسيولة والشعور بعدم اليقين والاستقرار من خلال استخدام الأشكال الهندسية ووجهات النظر المتعددة.

خوان غريس، صورة بابلو بيكاسو، 1912 ،معهد شيكاغو للفنون، شيكاغ

 

بعيدًا عن النقاش حول أصالة الفن التكعيبي، تُعدّ لوحة بابلو_بيكاسو «آنسات أفنون» أولى اللوحات التي خرجت خروجًا ثوريًا عن الفن التقليدي كاسرةً القواعد والقياسات ومدخلةً وجهات نظر وتشويهات متعددة.

 

بابلو بيكاسو، آنسات أفينيون، 1907، متحف الفن الحديث.

 

ومع ذلك حافظت اللّوحة على بعض ملامح الفن التقليدي، والذي اعتبره الكثيرون تدنيسًا للفن الغربي. وعلى أي حال، فإنّ تمرد بيكاسو مهد الطريق لحرية بناء لغة تصويرية جديدة، ومعالجة الواقع المرئي بأسلوب مختلف؛ فكانت لوحته نقطة البداية للعديد من الأساليب التجريدية اللاحقة، مثل البنائية.

 

عمل نعوم غابو، 2020

 

أدى التعاون بين بيكاسو وجورج براك إلى ظهور التكعيبية التحليلية، المرحلة الأولى من الحركة التكعيبية. وقد التقى الرسامان لأول مرة في عام ١٩٠٧. عندما رأى براك «آنسات أفنون»، اندهش في البداية، وحاول أن يرسم لوحةً مماثلةً، عرفت باسم «العري الكبير».

 

جورج براك، لو جراند نو، 1908، المتحف الوطني للفن الحديث، مركز بومبيدو، باريس.

 

في بداية شراكتهما الفنية، تأثر الرسامان بأسلوب سيزان الذي رأى أن «كل شيء في الطبيعة يعتمد على الشكل الكروي والمخروط والأسطواني»، لكنّهما سرعان ما طوّرا هذا الأسلوب تماشيًا مع الاختلاف الذي أحدثه التطور الفني في النظر إلى الواقع.

 اليسار: بابلو بيكاسو، الأول، (1911–12)، على اليمين: جورج براك، البرتغالي (1911-1912)، متحف الفن، بازل، سويسرا

 

بالنسبة إلى سيزان، الصورة مهمة في حد ذاتها، وتاليًا يجب أن تظل وفية لشكلها؛ فالهدف من الرسم ليس التظاهر بأن المشاهد ينظر من خلال النافذة، ولكن لجعل المشاهد يدرك سطح الصورة نفسه وكذلك الموضوع الذي يصوره.

 

بول سيزان،1897، متحف بالتيمور للفنون

 

انزاح الرسامان إلى منحى أكثر ذاتية حيث أصبحت المعرفة الذاتية إحدى العناصر التي تشكل هندسة الأشياء التي تتكون في الأصل من علاقات متعددة. وهكذا أصبح «المكعّب» هو النقطة التي يتقاطع فيها التفكير حول الشكل مع انطباعاتنا ومشاعرنا عنه.

 

بابلو بيكاسو، مصنع الطوب في طرطوشة، 1909، متحف الأرميتاج الحكومي، سانت بطرسبورغ، روسيا

 

جورج براك، 1908، متحف ستاتينز للكونست، كوبنهافن

 

«امرأة مع مروحة» هي تحليل تكعيبي يتجاوز المنظور السيزاني للمرأة وتبسيط ملامحها في أشكال كروية ومثلثات؛ تبدو اللوحة كما لو أنّها عمل نحات وليست رسمًا، وبيكاسو كان نحاتًا بالفعل.

 

بابلو بيكاسو، امرأة بمروحة، 1907، متحف الأرميتاج، سانت بطرسبرغ، روسيا

 

لوحة أخرى تُظهر الاختلاف بين التكعيب وأسلوب وسيزان هي منازل في الإيستاك (١٩٠٨). يستعير براك الألوان والأشكال الهندسية نفسها التي يستخدمها سيزان في لوحاته مونت سانت فيكتوار، لكنه يستخدم ألوانًا ثانوية تجعل البنية الهندسية ثلاثية الأبعاد وكأنها تخرج من الإطار.

بول سيزان، مونت سانت فيكتوار، 1902، متحف فيلادلفيا للفنون

 

جورج براك، 1908، متحف كونست، بيرن

 

في الفن التكعيبي تفكيكية إستطيقية كل الأشياء يمكن أن تتحول إلى أعمال فنّية حيث تصبح «اللاقاعدة هي القاعدة» ما يجعل من المهارة والمعرفة التقنية في المرتبة الثانية بعد التصوّر والفكرة.

 

.عبد العزيز الخريجي، فريدة، 2020، معرض الفن السعودي المعاصر

 

 

 

 

المنشورات ذات الصلة

featured
Sart
Sart
·24-01-2024

زهور آندي وارهول

featured
Sart
Sart
·05-02-2024

حذاء فان غوخ

featured
Sart
Sart
·13-02-2024

العين ودلالات الروح